responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 26  صفحه : 291
أَيْ نُفِخَ فِيهِ [مَرَّةً] أُخْرَى كَمَا قَالَ تَعَالَى: ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ [الزُّمَرِ: 68] وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَالَ تَعَالَى فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ وَقَالَ هاهنا: فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ وَالْقِيَامُ غَيْرُ النَّسَلَانِ وَقَوْلُهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ: فَإِذا هُمْ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَا مَعًا نَقُولُ الْجَوَابُ: عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْقِيَامَ لَا يُنَافِي الْمَشْيَ السَّرِيعَ لِأَنَّ الْمَاشِيَ قَائِمٌ وَلَا يُنَافِي النَّظَرَ وَثَانِيهِمَا: أَنَّ السُّرْعَةَ مَجِيءُ الْأُمُورِ كَأَنَّ الْكُلَّ فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ كَقَوْلِ الْقَائِلِ:
مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقْبِلٍ مُدْبِرٍ مَعًا ... [كَجُلْمُودِ صَخْرٍ حَطَّهُ السَّيْلُ مِنْ عَلِ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: كَيْفَ صَارَتِ النَّفْخَتَانِ مُؤَثِّرَتَيْنِ فِي أَمْرَيْنِ مُتَضَادَّيْنِ الْإِحْيَاءِ وَالْإِمَاتَةِ؟ نَقُولُ لَا مُؤَثِّرَ غَيْرُ اللَّهِ وَالنَّفْخُ عَلَامَةٌ، ثُمَّ إِنَّ الصَّوْتَ الْهَائِلَ يُزَلْزِلُ الْأَجْسَامَ فَعِنْدَ الْحَيَاةِ كَانَتْ أَجْزَاءُ الْحَيِّ مُجْتَمِعَةً فَزَلْزَلَهَا فَحَصَلَ فِيهَا تَفْرِيقٌ، وَحَالَةَ الْمَوْتِ كَانَتِ الْأَجْزَاءُ مُتَفَرِّقَةً فَزَلْزَلَهَا فَحَصَلَ فِيهَا اجْتِمَاعٌ فَالْحَاصِلُ أَنَّ النَّفْخَتَيْنِ يُؤَثِّرَانِ تَزَلْزُلًا وَانْتِقَالًا لِلْأَجْرَامِ فَعِنْدَ الِاجْتِمَاعِ تَتَفَرَّقُ وَعِنْدَ الِافْتِرَاقِ تَجْتَمِعُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: مَا التَّحْقِيقُ فِي إِذَا الَّتِي لِلْمُفَاجَأَةِ؟ نَقُولُ هِيَ إِذَا الَّتِي لِلظَّرْفِ مَعْنَاهُ نُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا نُفِخَ فِيهِ هُمْ يَنْسِلُونَ لَكِنَّ الشَّيْءَ قَدْ يَكُونُ ظَرْفًا لِلشَّيْءِ مَعْلُومًا كَوْنُهُ ظَرْفًا، فعند الكلام يعلم كونه ظرفا وعند الْمُشَاهَدَةِ لَا يَتَجَدَّدُ عِلْمٌ كَقَوْلِ الْقَائِلِ إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ أَضَاءَ الْجَوُّ وَغَيْرُ ذَلِكَ، فَإِذَا رَأَى إِضَاءَةَ الْجَوِّ عِنْدَ الطُّلُوعِ لَمْ يَتَجَدَّدْ عِلْمٌ زَائِدٌ، وَأَمَّا إِذَا قُلْتَ خَرَجْتُ فَإِذَا أَسَدٌ بِالْبَابِ كَانَ ذَلِكَ الْوَقْتُ ظَرْفَ كَوْنِ الْأَسَدِ بِالْبَابِ. لَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا فَإِذَا رَآهُ عَلِمَهُ فَحَصَلَ الْعِلْمُ بِكَوْنِهِ ظَرْفًا لَهُ مُفَاجَأَةٌ عِنْدَ الْإِحْسَاسِ فَقِيلَ إِذَا لِلْمُفَاجَأَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: أَيْنَ يَكُونُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَجْدَاثٌ وَقَدْ زَلْزَلَتِ الصَّيْحَةُ الْجِبَالَ؟ نَقُولُ يَجْمَعُ اللَّهُ أَجْزَاءَ كُلِّ وَاحِدٍ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي قُبِرَ فِيهِ فَيَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَهُوَ جَدَثُهُ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: الْمَوْضِعُ مَوْضِعُ ذِكْرِ الْهَيْبَةِ وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ الْكَافِرِ وَلَفْظُ الرَّبِّ يَدُلُّ عَلَى الرَّحْمَةِ فَلَوْ قَالَ بَدَلَ الرَّبِّ الْمُضَافِ إِلَيْهِمْ لَفْظًا دَالًّا عَلَى الْهَيْبَةِ هَلْ يَكُونُ أَلْيَقَ أَمْ لَا؟ قُلْنَا: هَذَا اللَّفْظُ أَحْسَنُ مَا يَكُونُ، لِأَنَّ مَنْ أَسَاءَ وَاضْطَرَّ إِلَى التَّوَجُّهِ إِلَى مَنْ أَحْسَنَ إِلَيْهِ يَكُونُ ذَلِكَ أَشَدَّ أَلَمًا وَأَكْثَرَ نَدَمًا مِنْ غَيْرِهِ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: الْمُسِيءُ إِذَا تَوَجَّهَ إِلَى الْمُحْسِنِ يُقَدِّمُ رِجْلًا وَيُؤَخِّرُ أُخْرَى، وَالنَّسَلَانُ هُوَ سُرْعَةُ الْمَشْيِ فَكَيْفَ يُوجَدُ مِنْهُمْ ذَلِكَ؟ نَقُولُ: يَنْسِلُونَ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِهِمْ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: فَإِذا هُمْ يَنْظُرُونَ [الصافات: 19] أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ كَمَالَ قُدْرَتِهِ وَنُفُوذَ إِرَادَتِهِ حَيْثُ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ، فَيَكُونُ فِي وَقْتِهِ جَمْعٌ وَتَرْكِيبٌ وَإِحْيَاءٌ وَقِيَامٌ وَعَدْوٌ فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ، فَقَوْلُهُ: فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ يَعْنِي فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ يَنْتَهُونَ إِلَى هَذِهِ الدَّرَجَةِ وَهِيَ النَّسَلَانُ الَّذِي لا يكون إلا بعد مراتب. / ثم قال تعالى:

[سورة يس (36) : آية 52]
قالُوا يَا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (52)
يَعْنِي لَمَّا بُعِثُوا قَالُوا ذَلِكَ، لِأَنَّ قَوْلَهُ: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ [يس: 51] يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ بُعِثُوا وَفِيهِ مَسَائِلُ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 26  صفحه : 291
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست